في غزة.. لا أحد خارج دائرة الجوع

في غزة.. لا أحد خارج دائرة الجوع
بقلم/ حلمي أبو طه
من جديد، نُجبر على دخول دوّامة مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن هذه المرة لا من باب التسلية ولا من نافذة النقاش، بل من باب الجوع… حرفياً. ففي غزة، حيث لا لحم ولا دجاج ولا سمك، لا فواكه ولا عصائر ولا حتى قطعة شوكولاتة تُسعف ذاكرة طفل أو تحنُّ لذكرى فرح. يُفتح علينا فيسبوك وانستغرام والتك توك ليعرض علينا ما لذّ وطاب، وكأن التكنولوجيا باتت تشارك في وجعنا، لا لتخففه، بل لتُمعن في إحساسنا بالفقد والحرمان. فأكثر من (120) يوم لم تطرق فيها اللحوم أبواب بيوت الغزّيين، ومنهم من نسي شكلها أو طعمها، بل نسي أسماء بعض الفواكه الموسمية، كمن يفقد لغته ببطء. حتى "السكاكر" و"البيبسي" و"السندويش الجاهز" تحوّلوا من بديهيات يومية إلى أحلام بعيدة المنال.
تغرينا المواقع التكنولوجيا كل يوم بفيديوهات "أكلات الشارع" ومشاهد الطهي الفاخر، وكأننا لسنا من نعيش مجاعة القرن، بل مجرد جمهور في صالة مطبخ عالمي افتراضي، بلا حق في اللقمة. نعم غزة محاصَرة، لكننا أيضاً محاصَرون نفسياً. محاصرون بصور النعمة ونحن نعيش النِقمة، محاصرون بلقطة شواء لحم طازج، أو على الأقل جناح دجاج على نار هادئة، بينما أطفالنا يشتمّون رائحة الخبز وكأنها وليمة. حتى الحلوى باتت مشهداً مؤلماً، لا لقيمتها، بل لما تثيره من وجع في قلب الأمهات العاجزات عن تلبية "طلب بسيط" من طفل لا يفهم معنى الحصار، لكنه يشعر به في بطنه الخاوي.
– وإن بدا غريباً هنا – فإن إدارة الأزمة في غزة أصبحت إدارة للجوع، للصبر، للموارد المنعدمة، للكرامة التي تتآكل ببطء. نُدير الوقت بين صف انتظار الفرن، وبين بحث عن علبة تونة في سوق لا شيء فيه. نُدير ما تبقّى من أعمارنا بين ما نشتهي وما لا نقدر عليه. ورغم ذلك نحن هنا لا زلنا نكابد الحياة. لكن هل بقي لهذه المواقع الملعونة أن تتحلّى بشيء من الإنسانية، فتكفّ عن عرض "موائد العالم" علينا، ونحن بالكاد نمتلك الخبز؟ وهل بقي لمن يملكون القرار أن يفهموا أن الجوع لم يعد مجرد رقم، بل وجع يسكن كل بيت غزّي؟ وأن من لا يملك قوت يومه لا يملك قراره، ومع ذلك نُطالب بالصبر والرضا، في حين لا تتوقف آلات الإعلام وخوارزميات التسويق عن سكب الملح على الجرح.
في غزة، لم تعد المائدة تُرتّب حسب الذوق، بل حسب المتاح… أو بالأحرى: حسب "البقاء". فمثلاً لقد أصبح الفول وجبة غذائية رئيسية، وربما يُعامل اليوم معاملة "الكنز"، وكذلك الفلافل التي تحوّلت من فطور عابر إلى "حدث كوليمة" نكرم بها ضيوفنا. لكن – وهنا الطرفة المُرّة – لا يُمكن للفول والفلافل أن يجتمعا في يوم واحد، لأننا سندخل – كما يقول الغزيّون – في باب "البعزقة والإسراف"! نعم، الفول يوم، والفلافل يوم آخر… وإن أردت كليهما في نفس اليوم، فهذه رفاهية لا نملكها، وأنت تُغامر بمخزونك الغذائي الأسبوعي. وفي وسط هذا، يبقى الغزيّ يمزج المرارة بالسخرية، والفقر بالكرامة، والجوع بالفول… ولكن بالتقسيط. نأكل الفلافل اليوم، ونشتاق للفول غداً… لا لأننا نحب التغيير، بل لأن لا مكان في غزة لـ"وجبتين غاليتين" في نفس اليوم.
في غزة الجائعة، لم يبقَ شيء في مكانه الطبيعي: الخبز صار حلماً. الماء النظيف كنزاً. اللحوم والفواكه ذكريات. تُكابد كل يوم حتى لا تنهار تحت وطأة الفقد والخذلان. حتى القطط لم تعد تموء حول البيوت، ولا الكلاب تنبح على أطراف المخيمات، بل اختلطت بهم صور من الجوع البهيمي، الذي تجاوز الغريزة إلى مشهد مأساوي يطعن الإنسانية في قلبها. في غزة أصبحت الأولويات مشدودة بين "العيش الناشف" و"الزيت المفقود"، وبين سؤال طفل عن "قطعة شوكولاتة" وآخر عن "موزة" لم يرَها منذ شهور. الفاكهة أصبحت ضيفاً نادراً، واللحوم والدواجن أصبحت حديث ذكريات، والسمك صار علبة تونة. هذا ليس مشهداً دراميًاً من رواية، بل واقع حي في القرن الحادي والعشرين، واقع لا تصفه الكلمات، بل تُعبّر عنه وجوه الأمهات اللواتي يُقسمْنَ وجبة واحدة على سبعة وربما يزيد، ويتفنّن في إعداد "وجبة من لا شيء"، فقط ليشعر الصغار أنهم أكلوا.
كل يوم، تفتح خوارزميات "فيسبوك" و"يوتيوب" علينا أبواب الجحيم: مشاوي، وبيتزا، وموائد مصوّرة بإضاءة سينمائية. نحن نُشاهد، ونُشارك الصمت، ونتجرّع الشعور بالحِرمان كما لو كنا في اختبار صبر مفتوح. نعم… هذا واقعنا شهادة موجعة بحجم وجع غزة كله، وواقع يفوق الخيال في قسوته. ففي غزة… لا أحد خارج دائرة الجوع. الكل جائع. البشر والحجر، الأشجار والطيور، وحتى الحيوانات التي كانت تألف البشر… باتت اليوم تنهش جثثهم. إنها ليست مبالغة، بل واقع يُقال عنه في أقسى تقارير العالم: "انعدام الأمن الغذائي الكارثي". فهذا الوصف لا يكفي حين ترى عيون الأطفال تتجمد أمام كيس خبز، أو حين تسمع عن كلب ضال التهم جثة شهيد في أحد الشوارع لأن الجوع لم يُبقِ له عقلاً ولا غريزة سوى البقاء.
في غزة أصبح الجوع سلاحاً يُستخدم لكسر إرادة الناس. مئات آلاف العائلات تعيش بلا غذاء كافٍ، وسط حصار خانق وسرقة المساعدات الإنسانية. الأطفال ينامون على بطون خاوية، والمرضى يواجهون الموت في صمت. لم تعد الحرب فقط بالقنابل، بل تحولت إلى معركة باردة عنوانها "التجويع والإذلال". إن استمرار هذا الوضع يمثل جريمة أخلاقية وإنسانية لا يمكن للعالم أن يبرر صمته عنها. أيُعقل أن نصل لهذا الحد؟ أن يصبح الشهيد طعاماً في غياب كل طعام؟ أن يُنتزع الموت من حرمته، لأن الحياة خذلت الجميع؟ فغزة لا تموت فقط بالقصف.
في غزة لم تعد كلمات الجوع التي نتلوها في كتاب الله مشاهد بعيدة، فقد جمعت غزة كل تلك الصور في واقعٍ واحد! كأنها التفسير الحي. أولها (الجوع المجرد) بداية المعاناة، في قوله تعالى: "الذي اطعمهم من جوع" وهو خلو المعدة من الطعام. ثم يأتي لفظ (الخصاصة) في قوله تعالي: "ولو كان بهم خصاصة" وهي الحالة الذي يستمر بها الجوع لأيام وأسابيع، حتى تنهك الأجساد وتضعف العزائم. ثم يشتد البلاء في (المخمصة) وقوله جل في علاه: "فمن اضطر في مخمصة" حيث تظهر ملامح الجوع على الوجوه، وتبرز النتوءات من تحت الجلد، في صورة من صور الفقر الشديد والضعف القاتل. ثم تأتي (المسغبة) كما وصفها الله في قوله: "أو اطعام في يوم ذي مسغبة" حيث يبلغ الجوع أشد درجاته، إذ يرافقه إغماء واعياء واحتضار، بل وموت حقيقي جوعاً. وهناك من مات جوعاً بالفعل، فقد سجلت مستشفيات غزة ومنظمة الصحة العالمية مئات الحالات التي هلكت وماتت من الجوع. فقد أصبحت غزة مرآة لكثير من آيات الذكر الحكيم. وشاهدة على قسوة الواقع وجمال الإيمان. فغزة تُستنزف كل يوم بالجوع، بالحصار، بالتجويع الممنهج الذي تجاوز السياسة، ووصل إلى الوحشية. جرائم حية تُرتكب كل ساعة، والعالم يراقب، يسجّل، يُحلّل… لكنه لا يغني من جوع. فاللهم أطعم أهل غزة من جوع، وآمنهم من خوف، وارفع عنهم البلاء والعدوان. وبدل ألمهم فرحاً وسعادة لا تزول.
بقلم/ حلمي أبو طه
من جديد، نُجبر على دخول دوّامة مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن هذه المرة لا من باب التسلية ولا من نافذة النقاش، بل من باب الجوع… حرفياً. ففي غزة، حيث لا لحم ولا دجاج ولا سمك، لا فواكه ولا عصائر ولا حتى قطعة شوكولاتة تُسعف ذاكرة طفل أو تحنُّ لذكرى فرح. يُفتح علينا فيسبوك وانستغرام والتك توك ليعرض علينا ما لذّ وطاب، وكأن التكنولوجيا باتت تشارك في وجعنا، لا لتخففه، بل لتُمعن في إحساسنا بالفقد والحرمان. فأكثر من (120) يوم لم تطرق فيها اللحوم أبواب بيوت الغزّيين، ومنهم من نسي شكلها أو طعمها، بل نسي أسماء بعض الفواكه الموسمية، كمن يفقد لغته ببطء. حتى "السكاكر" و"البيبسي" و"السندويش الجاهز" تحوّلوا من بديهيات يومية إلى أحلام بعيدة المنال.
تغرينا المواقع التكنولوجيا كل يوم بفيديوهات "أكلات الشارع" ومشاهد الطهي الفاخر، وكأننا لسنا من نعيش مجاعة القرن، بل مجرد جمهور في صالة مطبخ عالمي افتراضي، بلا حق في اللقمة. نعم غزة محاصَرة، لكننا أيضاً محاصَرون نفسياً. محاصرون بصور النعمة ونحن نعيش النِقمة، محاصرون بلقطة شواء لحم طازج، أو على الأقل جناح دجاج على نار هادئة، بينما أطفالنا يشتمّون رائحة الخبز وكأنها وليمة. حتى الحلوى باتت مشهداً مؤلماً، لا لقيمتها، بل لما تثيره من وجع في قلب الأمهات العاجزات عن تلبية "طلب بسيط" من طفل لا يفهم معنى الحصار، لكنه يشعر به في بطنه الخاوي.
– وإن بدا غريباً هنا – فإن إدارة الأزمة في غزة أصبحت إدارة للجوع، للصبر، للموارد المنعدمة، للكرامة التي تتآكل ببطء. نُدير الوقت بين صف انتظار الفرن، وبين بحث عن علبة تونة في سوق لا شيء فيه. نُدير ما تبقّى من أعمارنا بين ما نشتهي وما لا نقدر عليه. ورغم ذلك نحن هنا لا زلنا نكابد الحياة. لكن هل بقي لهذه المواقع الملعونة أن تتحلّى بشيء من الإنسانية، فتكفّ عن عرض "موائد العالم" علينا، ونحن بالكاد نمتلك الخبز؟ وهل بقي لمن يملكون القرار أن يفهموا أن الجوع لم يعد مجرد رقم، بل وجع يسكن كل بيت غزّي؟ وأن من لا يملك قوت يومه لا يملك قراره، ومع ذلك نُطالب بالصبر والرضا، في حين لا تتوقف آلات الإعلام وخوارزميات التسويق عن سكب الملح على الجرح.
في غزة، لم تعد المائدة تُرتّب حسب الذوق، بل حسب المتاح… أو بالأحرى: حسب "البقاء". فمثلاً لقد أصبح الفول وجبة غذائية رئيسية، وربما يُعامل اليوم معاملة "الكنز"، وكذلك الفلافل التي تحوّلت من فطور عابر إلى "حدث كوليمة" نكرم بها ضيوفنا. لكن – وهنا الطرفة المُرّة – لا يُمكن للفول والفلافل أن يجتمعا في يوم واحد، لأننا سندخل – كما يقول الغزيّون – في باب "البعزقة والإسراف"! نعم، الفول يوم، والفلافل يوم آخر… وإن أردت كليهما في نفس اليوم، فهذه رفاهية لا نملكها، وأنت تُغامر بمخزونك الغذائي الأسبوعي. وفي وسط هذا، يبقى الغزيّ يمزج المرارة بالسخرية، والفقر بالكرامة، والجوع بالفول… ولكن بالتقسيط. نأكل الفلافل اليوم، ونشتاق للفول غداً… لا لأننا نحب التغيير، بل لأن لا مكان في غزة لـ"وجبتين غاليتين" في نفس اليوم.
في غزة الجائعة، لم يبقَ شيء في مكانه الطبيعي: الخبز صار حلماً. الماء النظيف كنزاً. اللحوم والفواكه ذكريات. تُكابد كل يوم حتى لا تنهار تحت وطأة الفقد والخذلان. حتى القطط لم تعد تموء حول البيوت، ولا الكلاب تنبح على أطراف المخيمات، بل اختلطت بهم صور من الجوع البهيمي، الذي تجاوز الغريزة إلى مشهد مأساوي يطعن الإنسانية في قلبها. في غزة أصبحت الأولويات مشدودة بين "العيش الناشف" و"الزيت المفقود"، وبين سؤال طفل عن "قطعة شوكولاتة" وآخر عن "موزة" لم يرَها منذ شهور. الفاكهة أصبحت ضيفاً نادراً، واللحوم والدواجن أصبحت حديث ذكريات، والسمك صار علبة تونة. هذا ليس مشهداً دراميًاً من رواية، بل واقع حي في القرن الحادي والعشرين، واقع لا تصفه الكلمات، بل تُعبّر عنه وجوه الأمهات اللواتي يُقسمْنَ وجبة واحدة على سبعة وربما يزيد، ويتفنّن في إعداد "وجبة من لا شيء"، فقط ليشعر الصغار أنهم أكلوا.
كل يوم، تفتح خوارزميات "فيسبوك" و"يوتيوب" علينا أبواب الجحيم: مشاوي، وبيتزا، وموائد مصوّرة بإضاءة سينمائية. نحن نُشاهد، ونُشارك الصمت، ونتجرّع الشعور بالحِرمان كما لو كنا في اختبار صبر مفتوح. نعم… هذا واقعنا شهادة موجعة بحجم وجع غزة كله، وواقع يفوق الخيال في قسوته. ففي غزة… لا أحد خارج دائرة الجوع. الكل جائع. البشر والحجر، الأشجار والطيور، وحتى الحيوانات التي كانت تألف البشر… باتت اليوم تنهش جثثهم. إنها ليست مبالغة، بل واقع يُقال عنه في أقسى تقارير العالم: "انعدام الأمن الغذائي الكارثي". فهذا الوصف لا يكفي حين ترى عيون الأطفال تتجمد أمام كيس خبز، أو حين تسمع عن كلب ضال التهم جثة شهيد في أحد الشوارع لأن الجوع لم يُبقِ له عقلاً ولا غريزة سوى البقاء.
في غزة أصبح الجوع سلاحاً يُستخدم لكسر إرادة الناس. مئات آلاف العائلات تعيش بلا غذاء كافٍ، وسط حصار خانق وسرقة المساعدات الإنسانية. الأطفال ينامون على بطون خاوية، والمرضى يواجهون الموت في صمت. لم تعد الحرب فقط بالقنابل، بل تحولت إلى معركة باردة عنوانها "التجويع والإذلال". إن استمرار هذا الوضع يمثل جريمة أخلاقية وإنسانية لا يمكن للعالم أن يبرر صمته عنها. أيُعقل أن نصل لهذا الحد؟ أن يصبح الشهيد طعاماً في غياب كل طعام؟ أن يُنتزع الموت من حرمته، لأن الحياة خذلت الجميع؟ فغزة لا تموت فقط بالقصف.
في غزة لم تعد كلمات الجوع التي نتلوها في كتاب الله مشاهد بعيدة، فقد جمعت غزة كل تلك الصور في واقعٍ واحد! كأنها التفسير الحي. أولها (الجوع المجرد) بداية المعاناة، في قوله تعالى: "الذي اطعمهم من جوع" وهو خلو المعدة من الطعام. ثم يأتي لفظ (الخصاصة) في قوله تعالي: "ولو كان بهم خصاصة" وهي الحالة الذي يستمر بها الجوع لأيام وأسابيع، حتى تنهك الأجساد وتضعف العزائم. ثم يشتد البلاء في (المخمصة) وقوله جل في علاه: "فمن اضطر في مخمصة" حيث تظهر ملامح الجوع على الوجوه، وتبرز النتوءات من تحت الجلد، في صورة من صور الفقر الشديد والضعف القاتل. ثم تأتي (المسغبة) كما وصفها الله في قوله: "أو اطعام في يوم ذي مسغبة" حيث يبلغ الجوع أشد درجاته، إذ يرافقه إغماء واعياء واحتضار، بل وموت حقيقي جوعاً. وهناك من مات جوعاً بالفعل، فقد سجلت مستشفيات غزة ومنظمة الصحة العالمية مئات الحالات التي هلكت وماتت من الجوع. فقد أصبحت غزة مرآة لكثير من آيات الذكر الحكيم. وشاهدة على قسوة الواقع وجمال الإيمان. فغزة تُستنزف كل يوم بالجوع، بالحصار، بالتجويع الممنهج الذي تجاوز السياسة، ووصل إلى الوحشية. جرائم حية تُرتكب كل ساعة، والعالم يراقب، يسجّل، يُحلّل… لكنه لا يغني من جوع. فاللهم أطعم أهل غزة من جوع، وآمنهم من خوف، وارفع عنهم البلاء والعدوان. وبدل ألمهم فرحاً وسعادة لا تزول.
التعليقات